قصة حياة الأمام أبو حنيفة للأطفال
صحيفة هتون الإلكترونية -

قصة حياة الأمام أبو حنيفة للأطفال

دخل الإسلام بلاد خراسان وفارس والعراق، ووقع كثير منهم في الأسر، وكان منهم رجل شریف اسمه زوطی، فلما وقع في الأسر أطلق سراحه المسلمون، وأصبح حراً ، ومن الله عليه بالإسلام والتقى في الكوفة بالإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه وحسنت علاقته به وكان سيدنا على يرسل إليه بالهدايا.

ولما أصبح زوطى مسلماً، رزقه الله ولداً أسماه “ثابتاً”، وكان ثابت شديد الصلة بعلي ، ومرت الأيام، وتزوج ثابت، وأنجب النعمان بن ثابت، وذلك سنة ٨٠ من الهجرة.

وفي الكوفة، نشأ الإمام أبو حنيفة في صغره، فذهب إلى الكتاب، وحفظ القرآن الكريم، وكان يتلوه كثيراً حتى لا ينساه، ولم يتجه النعمان (أبو حنيفة إلى العلم منذ صغره، بل اتجه إلى التجارة كأبيه، وكان يريد أن يكون تاجراً كبيراً، ولكنه كان يتردد أحياناً على بعض العلماء، فلما رأى الإمام الشعبى ذكاءه قال له: إلى من تختلف؟ قال: إلى الأسواق، قال: لا، بل أسألك عن العلماء.

فقال: لا أذهب إليهم إلا قليلاً. فقال: عليك بالعلم والجلوس إلى العلماء، فإنى أتوقع لك شأناً كبيراً في العلم، ومن ساعتها اتجه أبو حنيفة إلى العلم حتى أصبح فقيهاً كبيراً.

وقد تلقى أبو حنيفة العلم عن كثير من العلماء، ولكن كان أبو حنيفة يجلس كثيراً إلى حماد بن أبي سلمة، فلما مات حماد سنة ١٢٠ هـ، جلس مكانه ابنه الفقيه إسماعيل بن حماد، ولكنه ترك الفقه واهتم بالنحو، فنظر الناس فيمن يجلس مكان حماد، فرأوا أبا حنيفة هو أعلم .

الناس بعد شيخه، فذهبوا إليه وطلبوا منه ذلك، فكان يجلس مكان شیخه، حتى اشتهر بين الناس، والتف حوله الطلاب.

وكان الإمام أبو حنيفة كثير الرحلات، فكان يأخذ عن شيوخ البلد الذي يسافر إليه، وكان قد استمر في تجارته، فجمع بين العلم وخبرة الحياة، التي أفادته كثيراً في الإفتاء.

وقد اهتم أبو حنيفة بالدفاع عن الإسلام، ضد أصحاب الأهواء والجماعات التي لا تؤمن بوجود الله، وفى يوم من الأيام، قابل جماعة تزعم أن الكون جاء صدفة، وأنه ليس هناك خالق لهذا الكون، فقال لهم: لقد سافرت يوماً فرأيت سفينة، محملة بالبضائع، وهي في البحر تتلاطمها الأمواج، ليس فيها قائد يقودها، وهى تسير أحسن ما تكون فقالوا له: هذا لا يمكن أن يقبله عقل، فلا بد للسفينة من قائد يقودها.

فقال أبو حنيفة: سبحان الله سفينة تسير وحدها لا يقبل العقل ذلك، وهذا الكون كله كيف يقوم بدون صانع ولا محدث له ؟.

وكان أبو حنيفة أميناً في البيع والشراء، فقد جاءت امرأة تبيع له ثوباً من حریر، فقال لها كم ثمنه؟ فقالت: مائة، فقال: هو خير من مائة، بكم تبيعينه؟.

فزادت مائة، فما زال يقول لها هذا الثوب أفضل من الثمن الذي ذكرته حتى قالت له المرأة: أتهزأ بى؟ فقال: ناد رجلاً يقومه، فجاء رجل فقومه بخمسمائة، فاشتراه منها بخمسمائة.

وكان إذا علم أن المشترى فقيراً تساهل معه، فقد جاءت امرأة عجوز تشتری منه ثوباً، فقالت بكم هذا ؟ فقال: خذيه بأربعة دراهم. فقالت: أتسخر منى وأنا عجوز؟ فقال: لا، ولكنى اشتريت ثوبين فبعت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم.

وكان أبو حنيفة – رحمه الله- عطوفاً على تلاميذه، فكانت علاقته بهم علاقة الأب بأولاده، يعطف عليهم، ويعطيهم ما يحتاجون فيرسل إليهم الثياب والطعام والمال، بل كان إذا بلغ أحدهم سن الزواج، وليس عنده ما يتزوج به زوجه وقد لاحظ أبو حنيفة أن أحد تلاميذه لا يحضر الدرس، فلما سأل عنه، وأتى إليه، فقال: إنى فقير، وأمى تمنعني من الدرس حتى أعمل، وأحصل على لقمة العيش.

فقال له خذ هذا المبلغ، وأعطاه كيساً من النقود، وقال له: أعطه لأمك، وقل لها: إن أبا حنيفة سيعطيني مثله كل شهر، ولا تغب عن الدرس أبداً.

وقد عاش الإمام أبو حنيفة فترة طويلة من حكم بني أمية، وجزءاً آخر من حكم الدولة العباسية، وكان الخليفة المنصور بالله طلب من أبي حنيفة أن يتولى القضاء ولكنه رفض.

فلما سأله عن سبب رفضه، قال: لا يتولى القضاء إلا من قدر أن يحكم على أمير المؤمنين وولده، وأنا لست هذا الشخص، فقال له: فلم ترفض عطائی؟ فقال: لأنه ليس من مالك، ولكنه من مال المسلمين، ولست ممن يستحقون هذا المال.

وما زال المنصور يكرر طلبه من أبي حنيفة أن يتولى القضاء، لكنه كان يرفض، فأمر بحبسه، وجلده كل يوم عشرة أسواط، حتى ضعف جسمه، فأخرجه، لكنه لم يعش طويلاً ، فقد مات رحمه الله ، بعد أن أصبح صاحب مذهب الأحناف، وذلك سنة ۱۰۰ هـ.

اقرأ المزيد من الموضوعات على صحيفة هتون الدولية من هنا.

قصة حياة الأمام أبو حنيفة للأطفال



إقرأ المزيد